النسبة الذهبية φ

 

في عالمٍ مليء بالأرقام كانت هناك حاجة ماسَّة لإيجاد تصنيف مناسب توضع فيه تلك الأرقام وفق خواص مشتركة بينها؛ حتى يسهل التعامل معها، والحديث عنها، ودراستها. فمثلًا، صنفت الأعداد الحقيقة بطرقٍ شتى، منها: الأعداد النسبية ، وغير النسبية ، حيث تحوي كل مجموعة منهما أعدادًا بغير انتهاء، ولكن نعلم أن هناك أعدادًا أعطيت ألقابًا خاصة، كالعدد ڤاي (Phi\φ) فمالذي يميّزه؟

إن النسبة بين العددين الصحيحين a و b هي حاصل قسمتهما أي: a/b حيث b≠0 ولكن ماذا تعني النسبة الذهبية؟ النسبة الذهبية عدد غير نسبي يساوي 1.618033988… يرمز له بالحرف اليوناني (ڤاي، φ) ويقال عن النسبة بين عددين أنها نسبة ذهبية إن حققت التالي: a/b=(a+b)/a حيث: a>b، أي أن نسبة الطول كاملًا (a+b) إلى الجزء الكبير (a) تساوي نسبة طول الجزء الكبير إلى الصغير(a/b).

يُعتقد أن المصريين القدماء كانوا على دراية بالنسبة الذهبية، واستخدموها لبناء الأهرامات، وأنهم من نقلوا هذا المفهوم للإغريقيين، ويتضح أن النسبة الذهبية ذات علاقة وطيدة بالإغريق؛ لأنها سُميت نسبة إلى (ڤيديا، Phidias) نحَّات أثينا الذي قام بنحت معظم زخارف معبد (بارثينون، Parthenon). ويعتقد أيضًا أن الفيلسوف الإغريقي فيثاغورس هو من اكتشف النسبة الذهبية بصورة تسنح لدراستها ومعرفة خواصها، وأنه اكتشف مفهوم التناغم عند سماعه أصواتًا مختلفة جرَّاء طرق السندان بالمطرقة، وبتأمُّل الطبيعة، والآلات الوترية؛ خَلُص فيثاغورس إلى استنتاج مفاده أن الجمال يُحدَّد بنسب الأعداد الصحيحة الصغيرة.

عن سر الجمال الكامن في اللوحات الفنية العالمية، واختلاف معيار الجمال من شخص لآخر، ولماذا ما نراه جميلا بأعيينا قد يراه البعض غير ذلك؟ للرسام (ليوناردو دا ڤينشي Leonardo da Vinci) اعتقادًا مفاده أن نسبة الكمال في الجمال هي النسبة الذهبية؛ لذا استخدمها في جميع أجزاء لوحته الشهيرة الموناليزا.

قد يكون الفن سرًّا ولكنه ليس وسيلتنا الوحيدة لفهم الجمال وإدراكه من حولنا، لذا تأبى الرياضيات إلا أن تكون جزءًا من كل جميل تراه أعيننا؛ فلا عجب أن ترى النسبة الذهبية في مختلف مجالات الحياة وفي كل شيء يحيط بنا، فمثلًا إذا تم قياس طول وجه الإنسان فإن نسبة طول الوجه كاملًا إلى طول الجزء العلوي إلى الأنف مساوية للنسبة الذهبية تقريبًا. ليس هذا فقط بل تظهر النسبة الذهبية في أجزاء مختلفة من جسم الإنسان: كأبعاد الوجه، والأذن، والأذرع وغيرها. واستخدمت هذه النسبة بكثرة في العمارة حديثةً كانت أم قديمة؛ نظرًا إلى التوازن والتناغم الذَيْن تحققهما، مما يجعلها مريحةً للعينين، كما توفر النسبة الذهبية أفكارًا مختلفة عند البناء كاستخدام المستطيل أو البناء متعدد الأضلاع، فمثلًا في تاج محل اُستخدمت النسبة الذهبية بصورة متكررة ومنتظمة في الهيكل الخارجي استنادًا إلى النسبة الذهبية في المستطيل.
 

يسعى الإنسان خلف مقاييس الجمال الظاهريَّة؛ فالعين تألفُ كل جميلٍ تراه، بيد أن الرياضيات في جوهرها مدفوعة بالأسئلة لمَ كل هذا الجمال والتناغم في الطبيعة، والفن، والعمارة، ومجالاتٍ شتى؛ مبرهنةً بذلك أن للجمالِ مقياسًا هو النسبة الذهبية.

Enjoy the 'Phi'nomemon, whether to enhance your own understanding and appreciation of beauty and harmony in life or to apply it to your own artistic creations.








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الما لا نهاية